تزداد موجات الحرارة مع انتهاء فصل الربيع ودخول الصيف، وهي من أخطر الظواهر المناخية التي يشهدها العالم في السنوات الأخيرة.
إذ ترتفع درجات الحرارة بشكل غير معتاد ولعدد من أيام متتالية، وهذا ما يهدد صحة الإنسان ويؤثر سلبًا على البيئة.
ويرتبط تزايد هذه الظاهرة ارتباطًا وثيقًا بـ “التغير المناخي والاحتباس الحراري”، ونظرًا لتفاقم آثارها، تبرز الحاجة إلى فهم أسبابها، والتوعية بمخاطرها، وتعلّم طرق الوقاية منها.
ما هي موجات الحرارة؟
تُعرَّف موجات الحرارة بأنها فترات زمنية تمتد لعدة أيام متتالية، ترتفع خلالها درجات الحرارة إلى مستويات تفوق المعدلات الطبيعية المعتادة لنفس المنطقة والفصل.
وتُصنَّف كموجة حرارية عندما تستمر هذه الزيادة لفترة لا تقل عن يومين أو ثلاثة، ويكون الارتفاع شديدًا بما يكفي ليؤثر سلبًا على الإنسان والبيئة.
وتختلف معايير تحديد موجة الحرارة من دولة إلى أخرى وفقًا للمناخ المحلي، ومع ذلك، يجمع العلماء على أن هذه الظاهرة أصبحت أكثر حدةً في السنوات الأخيرة.
وهذا ما يثير القلق حول علاقتها الوثيقة بـ التغيرات المناخية والاحتباس الحراري.
ولا يقتصر أثر موجات الحرارة على الإحساس بالحر فقط، بل تتعداه إلى التسبب في إجهاد حراري، وضربات شمس، وتأثيرات خطيرة على الصحة العامة للإنسان.
وهو ما يجعل فهمها والتأهب لها أمرًا بالغ الأهمية، خصوصًا في أشهر الصيف.
أسباب موجات الحرارة
تنتج موجات الحرارة عن مجموعة من العوامل الجوية والمناخية المعقدة، وتتداخل فيها الظواهر الطبيعية مع التأثيرات البشرية، مما يؤدي إلى اختلال توازن درجات الحرارة في مناطق معينة خلال فترات زمنية محددة. ومن أبرز الأسباب:
1. الاحتباس الحراري والتغير المناخي
يعد الاحتباس الحراري العامل الأبرز في تكرار موجات الحرارة وشدّتها، إذ يؤدي تراكم الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى احتباس الحرارة داخل كوكب الأرض.
ويؤدي إلى رفع درجات الحرارة العالمية على المدى الطويل، لذلك أصبحت موجات الحر أكثر شيوعًا نتيجة لهذا الخلل البيئي العالمي.
2. التمدّن وزيادة التلوث الحراري
المدن الكبرى، بسبب الزحف العمراني والأسطح الإسفلتية وقلة المساحات الخضراء، تُعرف بظاهرة “الجزيرة الحرارية”.
حيث تحتبس الحرارة بشكل أكبر من المناطق الريفية، ما يُساهم في تفاقم أثر موجات الحر داخل المناطق الحضرية.
3. الجفاف وقلة الغطاء النباتي
تُسهم ندرة المياه وانخفاض الغطاء النباتي في فقدان الرطوبة الأرضية التي تساعد عادة على تلطيف الجو.
وعندما تجف التربة، ترتفع درجة حرارة السطح بشكل أسرع، مما يُغذي موجات الحر.
أثر موجات الحرارة على الإنسان
تشكل موجات الحرارة في الصيف خطرًا مباشرًا على صحة الإنسان. خاصةً عند التعرض لفترات طويلة لدرجات حرارة مرتفعة دون وسائل تبريد أو ترطيب كافية.
وتزداد خطورة هذه الموجات في المناطق التي لا تتوفر فيها بنية تحتية مناسبة للتعامل مع الطقس الحار، ومن هذه الآثار الآتي:
1. ضربة الشمس
تُعد ضربة الشمس من أخطر الأعراض التي قد تصيب الإنسان أثناء موجات الحرارة. وتحدث عندما ترتفع حرارة الجسم بشكل مفرط دون أن يتمكن من تبريد نفسه.
وأحيانًا تؤدي إلى تلف في أعضاء الجسم أو حتى الوفاة إذا لم يتم عالجها بسرعة.
2. الإجهاد الحراري
ويحدث عند فقدان الجسم كميات كبيرة من الماء والأملاح بسبب التعرق الشديد، مما يؤدي إلى الدوخة، والصداع، والضعف العام، وتشنجات عضلية أحيانًا.
ويُعد مؤشرًا مبكرًا لاحتمالية الإصابة بضربة شمس إن لم يُعالج سريعًا.
3. تفاقم الأمراض المزمنة
أظهرت الدراسات أن موجات الحرارة تزيد من مضاعفات:
– أمراض القلب
– والجهاز التنفسي
– وارتفاع ضغط الدم
ويحدث ذلك خاصة بين كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
الحرارة المفرطة قد تؤثر أيضاً على جودة النوم، وتُسبب توترًا نفسيًا نتيجة صعوبة التكيّف مع الأجواء الحارّة، مما قد ينعكس على الأداء اليومي والانفعالات.
عند شعورك بأي من هذه الأعراض احجز استشارة اونلاين عند كتور باطنة
احجز استشارة اونلاين عند أشطر دكتور باطنة من كلينيدو
كيف تحمي نفسك في فصل الصيف من موجات الحرارة؟
مع اشتداد موجات الحرارة وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية، تزداد الحاجة إلى اتباع خطوات عملية لحماية النفس من آثار الحر الشديد.
تعد الوقاية خير وسيلة لتجنّب المضاعفات الصحية المرتبطة بهذه الظاهرة المتكررة في فصل الصيف، وهذه أهم الإرشادات التي تساعدك على التكيّف مع موجات الحر:
1. البقاء في أماكن باردة
حاول قدر الإمكان التواجد في أماكن مكيّفة أو مظللة خلال ساعات النهار، وابتعد عن الخروج وقت الذروة (بين الساعة 12 ظهرًا و4 عصرًا).
إذ تكون أشعة الشمس في أقصى حدّتها وضارة جدًا؛ ولكي تحمي نفسك من نزات البرد في الصيف بسبب التعرض للشمس ثم التعرض للمراوح وأجهزة التكييف.
2. الترطيب المستمر
اشرب كميات كافية من الماء بانتظام، حتى وإن لم تشعر بالعطش، لتعويض السوائل المفقودة من خلال التعرّق.
من الأفضل تجنّب المشروبات الغازية أو التي تحتوي على الكافيين، لأنها تُسبب الجفاف.
3. ارتداء الملابس المناسبة
اختر ملابس خفيفة وفضفاضة ذات ألوان فاتحة وقطنية، ونظارات شمسية عند الخروج، لحماية العينين من أشعة الشمس المباشرة.
4. تجنب المجهود البدني الزائد
قلّل من ممارسة الأنشطة البدنية الشاقة خلال فترة النهار، خاصة في الهواء الطلق، لتجنّب الإصابة بالإجهاد الحراري أو ضربة الشمس.
5. استخدام أجهزة التبريد
حاول أن تتواجد في أماكن بها مراوح أو أجهزة تكييف أو التزم بالاستحمام بالماء البارد لتبريد الجسم، وخصوصًا في حال شعورك بارتفاع حرارة غير طبيعي أو تعرّق مفرط.
6. الاهتمام بالفئات الأكثر عرضة للخطر
تابع حالة الأطفال، وكبار السن، والمرضى، ووفّر لهم الرعاية اللازمة، فهم الأكثر تأثرًا بموجات الحر وقد لا يستطيعون التعبير عن شعورهم بالخطر.
أهم الأسئلة الشائعة عن موجات الحرارة في فصل الصيف:
من هم الفئات الأكثر عرضة للخطر؟
تشمل الفئات الأكثر تأثرًا بموجات الحر: الأطفال وكبار السن، ومرضى السكري والقلب، والعمال في الأماكن المكشوفة، نظرًا لحساسيتهم الزائدة تجاه التغيرات الحرارية أو ضعف قدرتهم على التنظيم الحراري.
كيف تحمي الأم طفلها الأقل من 3 سنوات خلال موجات الحرارة؟
الأطفال الرضع وحديثو الولادة هم الفئة الضعيفة في مواجهة موجات الحرارة، نظرًا لعدم اكتمال نظام تنظيم الحرارة في أجسامهم، ولعدم قدرتهم على التعبير عن شعورهم بالعطش أو الانزعاج من الحر.
ولذلك، تقع على عاتق الأم مسؤولية كبيرة لحمايتهم خلال فترات الطقس شديد الحرارة، ومن أهم الإرشادات:
1. الحرص على التهوية الجيدة والتبريد
- اجعلي الطفل في مكان جيد التهوية أو مكيّف الهواء، وتجنّبي تعريضه للهواء الساخن أو الشمس المباشرة.
- استخدمي مروحة بلطف أو منشفة مبللة بماء فاتر لتبريد بشرته إن شعرتي بسخونة جسمه.
2. الترطيب المستمر
- بالنسبة للرضع: واصلي الرضاعة الطبيعية أو الصناعية بانتظام، فالحليب هو المصدر الوحيد للترطيب.
- للأطفال فوق السنة: قدّمي كميات صغيرة ومتكررة من الماء النقي، مع مراقبة علامات الجفاف (جفاف الفم وقلة التبول، والخمول).
3. الملابس المناسبة
- ألبسي الطفل ملابس قطنية خفيفة وفضفاضة، وابتعدي عن الأقمشة الثقيلة أو متعددة الطبقات.
- في حال الخروج، استخدمي قبعة واسعة لحماية رأسه من الشمس.
4. تجنّب الخروج في أوقات الذروة
- حاولي ألا تخرجي بالطفل في الساعات الحارة (من 11 صباحًا إلى 4 عصرًا)، وإذا لزم الأمر، فلتكن لفترات قصيرة وفي مكان مظلل.
5. الاستحمام الفاتر المنتظم
- الحمام الفاتر يُساعد (وليس البارد جدًا) على خفض حرارة الجسم وتحسين الدورة الدموية، ويمنح الطفل راحة عامة.
6. المراقبة المستمرة للعلامات الخطرة
- انتبهي لعلامات مثل: حرارة مرتفعة، بكاء دون سبب، احمرار الجلد، قلة النشاط، أو قلة التبول. هذه قد تكون مؤشرات مبكرة لضربة حر أو جفاف وتتطلب تدخلًا طبيًا سريعًا.
كيف تتعامل مع المرضى وكبار السن خلال موجات الحرارة الشديدة؟
تتطلّب موجات الحر الشديد اهتمامًا خاصًا بالمرضى وكبار السن، إذ أنهم الأكثر عرضة للإصابة بـ ضربات الشمس، والجفاف، وتفاقم الأمراض المزمنة، نتيجة التغيرات المفاجئة في حرارة الجو أو البقاء في بيئة غير مهيّأة.
وفيما يلي أهم التوصيات للتعامل معهم:
1. توفير بيئة باردة وآمنة
- تواجد كبار السن في غرفة جيدة التهوية أو مكيّفة.
- تجنّب الأماكن المغلقة أو سيئة التهوية، خصوصًا خلال فترة النهار.
2. الترطيب المستمر
- حفّزهم على شرب الماء بشكل منتظم، حتى وإن لم يشعروا بالعطش.
- قدّم لهم سوائل خفيفة كالعصائر الطبيعية أو شوربة خفيفة لزيادة الترطيب.
3. الاهتمام بالأدوية
- راجِع الأدوية التي يتناولها المريض أو المسنّ مع الطبيب، فبعض الأدوية (مثل: مدرّات البول أو أدوية الضغط) قد تزيد خطر الجفاف أو التفاعل مع الحرارة.
- نظّم مواعيد الأدوية مع توقيت الوجبات والسوائل لتجنّب أي مضاعفات.
4. الملابس المناسبة
- استخدام ملابس قطنية خفيفة بألوان فاتحة، وتجنّب الطبقات أو الأقمشة التي تحبس الحرارة.
5. مراقبة المؤشرات الحيوية والسلوك
- راقِب العلامات المبكرة للإجهاد الحراري مثل الصداع، الدوخة، التعرّق المفرط أو انعدامه، الهذيان، أو الخمول غير المعتاد.
- لا تتردد في الاتصال بالطبيب فورًا إذا ظهرت مؤشرات خطر، مثل ارتفاع حرارة الجسم أو فقدان الوعي.
6. التغذية الجيدة
- وفّر وجبات خفيفة ومتوازنة تحتوي على الفواكه والخضروات الطازجة، التي تزوّد الجسم بالسوائل والأملاح والمعادن الأساسية.
7. الدعم النفسي والبدني
- يحتاج كبار السن إلى الهدوء والدعم العاطفي، خاصةً في الأيام شديدة الحرارة التي قد تزيد من توترهم أو شعورهم بالعزلة، تحدّث معهم وطمئنهم باستمرار.
نصائح سريعة لمواجهة موجات الحرارة في الصيف
- تجنّب الشمس وقت الظهيرة (من 11 صباحًا إلى 4 عصرًا).
- اشرب الماء بانتظام حتى دون الشعور بالعطش.
- ارتدِ ملابس قطنية فاتحة اللون وخفيفة.
- ابقَ في أماكن جيدة التهوية أو مكيّفة.
- استحمّ بماء فاتر أو بارد لتبريد جسمك.
- استخدم واقي الشمس قبل الخروج.
- راقب صحة كبار السن والأطفال باستمرار.
- تناول وجبات خفيفة وغنية بالماء، مثل الخضروات والفواكه.
- لا تترك أحدًا داخل سيارة مغلقة حتى لدقائق.
- اطلب المساعدة الطبية فورًا عند ظهور علامات الإجهاد الحراري أو ضربة الشمس.
في ظل تصاعد وتيرة موجات الحرارة عامًا بعد عام، لم تعد هذه الظاهرة مجرد حالة طقسية عابرة، بل أصبحت تحديًا صحيًا وبيئيًا يتطلب وعيًا جماعيًا واستعدادًا دائمًا.
ويُعد فهم أسباب هذه الموجات، وتعلّم سُبل الوقاية منها، والعناية بالفئات الأكثر هشاشة كالرضع، وكبار السن، والمرضى؛ هو واجب إنساني لا يقلّ أهمية عن أي إجراء طبي أو بيئي.
ومع استمرار تغير المناخ، فإن مسئوليتنا الفردية والمجتمعية تفرض علينا أن نُحسِن التعامل مع الحرارة الشديدة.
كذلك نشر الوعي بين من حولنا، لنبني ثقافة حماية قائمة على العلم والرحمة والاحتراز، فالصيف قد يحمل حرارته، لكن بإمكاننا أن نواجهه بالعقل والوقاية.
لو محتاج حجز عند دكتور باطنة احجز عند أشطر دكتور باطنة من كلينيدو
احجز عند أشطر دكتور باطنة من كلينيدو